ﺍﻟﻤﻠﻚ
ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺃﻱ ﺣﺎﺯﻩ ﻭﺍﻧﻔﺮﺩ
ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﻭﺍﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﺑﻪ ﺃﻭ
ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﻓﻴﻪ. ﻭﺍﻻﺳﻢ ﻣﺎﻟﻚ ..
ﻭﺃﻣﻠﻜﻪ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺃﻭ ﻣﻠﻜﻪ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺃﻱ
ﺟﻌﻠﻪ ﻣﻠﻜﺎ ﻟﻪ .. ﻭﺗﻤﻠﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺃﻱ
ﺍﻣﺘﻠﻜﻪ .
) ﻭﺍﻟﻤﻠﻚ ( ﺑﻔﺘﺢ ﺍﻟﻤﻴﻢ ﻭﺍﻟﻼﻡ ﻫﻮ
ﻭﺍﺣﺪ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ، ﻭﻫﻮ ﺟﻨﺲ ﻣﻦ
ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﻮﺭﺍﻧﻲ ﻟﻄﻴﻒ
ﻛﺠﺒﺮﻳﻞ ﻭﻋﺰﺭﺍﺋﻴﻞ . ﺃﻣﺎ( ﺍﻟﻤﻠﻚ (
ﺑﻔﺘﺢ ﺍﻟﻤﻴﻢ ﻭﻛﺴﺮ ﺍﻟﻼﻡ ﻓﻬﻮ ﺍﺳﻢ
ﻣﻦ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ .. ﻭﻫﻮ
ﻳﻌﻨﻲ ﺫﻭ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ
ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻤﻠﻚ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﻣﺎ
ﻋﻠﻤﻨﺎﻩ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﻟﻢ ﻧﻌﻠﻢ . ﺣﻴﻦ
ﻳﻤﻠﻚ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ
ﻣﺎﻟﻚ .. ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻠﻜﻪ ﻣﺤﺪﻭﺩ
ﺑﺤﺪﻭﺩ ﻣﺎ ﻣﻠﻜﻪ ﻣﻦ ﺃﺷﻴﺎﺀ. ﻭﻗﺪ
ﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﻻﺳﻢ ( ﻣﻠﻚ ( ﻣﻊ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ .. ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻼﺣﻆ ﺃﻧﻪ ﻳﺄﺗﻲ
ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻣﻀﺎﻓﺎ .. ﻛﺄﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﻣﻠﻚ
ﺑﻠﺠﻴﻜﺎ ﺃﻱ ﻭﻟﻲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﺒﻠﺠﻴﻜﺎ.
ﻫﺬﺍ ﻋﻦ ﻣﻠﻚ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ .. ﺃﻣﺎ ﻋﻦ
ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺤﻖ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻣﺮ
ﻳﺨﺘﻠﻒ، ﻷﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻴﺲ
ﻣﺎﻟﻜﺎ ﻓﺤﺴﺐ .. ﺑﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻠﻚ ....
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻠﻚ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻭﻳﻤﻠﻚ ﻣﻦ
ﻣﻠﻜﻬﺎ . ﺇﺫﺍ ﺍﻣﺘﻠﻚ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻗﻄﻌﺔ
ﺃﺭﺽ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺼﻴﺮ ﻣﺎﻟﻜﺎ .... ﺃﻣﺎ
ﺍﻟﺤﻖ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻷﻧﻪ
ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻳﻤﻠﻚ ﻗﻄﻌﺔ
ﺍﻷﺭﺽ ﻣﺎ ﺑﺤﻜﻢ ﻛﻮﻧﻪ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻟﻬﻤﺎ
ﻭﻟﻠﻜﻮﻥ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ .... ﺇﻥ ﻣﻦ ﻳﺸﺘﺮﻱ
ﺷﻴﺌﺎ ﻳﺼﻴﺮ ﻣﺎﻟﻜﺎ ﻟﻪ .. ﻓﻤﻦ ﺑﺎﺏ
ﺃﻭﻟﻰ ﺃﻥ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻟﻤﺎ ﺧﻠﻖ
ﺃﺟﻠﻰ ﻭﺃﻭﺿﺢ.
ﻭﻣﻠﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻜﻮﻧﻪ
ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ
ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻰ ﻣﻦ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﺒﻌﺾ
ﻣﺘﺎﻉ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻮﺟﻮﻩ
ﺃﺧﺮﻯ .. ﻓﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻠﻜﻴﺔ
ﺭﻣﺰﻳﺔ، ﺃﻣﺎ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ
ﻓﻬﻲ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ . ﺇﻥ ﻟﺤﻖ
ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻤﻠﻚ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ ﻭﻻ
ﻳﺸﺎﺭﻛﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺃﺣﺪ ﻭﻓﻲ
ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﺃﻟﻢ
ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ
ﻭﺍﻷﺭﺽ ،ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ـ (107 (
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ :ﻭﻟﻠﻪ ﻣﻠﻚ
ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ
ﺷﻲﺀ ﻗﺪﻳﺮ ) ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ ـ
)189 (
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻭﻟﻠﻪ ﻣﻠﻚ
ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ
ﻭﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ ) ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ ـ
18 ( .
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ﻭﻟﻠﻪ ﻣﻠﻚ
ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﻦ
) ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ ـ 120 (
ﻭﻟﻘﺪ ﻛﻠﻒ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺳﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻓﻀﻞ
ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﺈﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ .. ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﺮﺳﻞ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻲ
ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﺤﻖ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ
ﻟﻜﻮﻧﻪ، ﻛﻤﺎ ﻳﺪﻋﻮﻧﻬﻢ ﺇﻟﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ
ﺑﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ، ﻭﻟﻘﺪ
ﻛﻠﻒ ﺍﻟﻠﻪ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻓﻀﻞ ﺍﻟﺼﻼﺓ
ﻭﺃﺗﻢ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﺄﻥ ﻳﺨﺒﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺄﻧﻪ
ﺟﻞ ﻭﻋﻼ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻪ ﻣﻠﻚ
ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ .. ﻓﻘﺎﻝ ﺟﻞ
ﻭﻋﻼ : ﻗﻞ ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻧﻲ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻪ
ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ
ﻫﻮ ﻳﺤﻴﻰ ﻭﻳﻤﻴﺖ ﻓﺂﻣﻨﻮﺍ ﺑﺎﻟﻠﻪ
ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻷﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﻣﻦ
ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﻛﻠﻤﺎﺗﻪ ﻭﺍﺗﺒﻌﻮﻩ ﻟﻌﻠﻜﻢ
ﺗﻬﺘﺪﻭﻥ (158 ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ (
ﻭﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﻣﻠﻜﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺃﻧﻪ
ﻳﻤﻠﻚ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺃﻭ ﺑﻌﺾ
ﻣﻨﻪ ﺑﺨﻠﻖ ﺟﺪﻳﺪ .. ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ
ﻳﻘﻮﻝ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ :ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﺃﻧﺘﻢ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮ
ﺍﻟﻐﻨﻲ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪ "15" ﺇﻥ ﻳﺸﺄ
ﻳﺬﻫﺒﻜﻢ ﻭﻳﺄﺕ ﺑﺨﻠﻖٍ ﺟﺪﻳﺪٍ "16"
ﻭﻣﺎ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻌﺰﻳﺰٍ
"17" ) ﺳﻮﺭﺓ ﻓﺎﻃﺮ (
ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻠﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﻳﻀﻴﻒ ﺇﻟﻲ
ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺟﻞ
ﻭﻋﻼ : ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻓﺎﻃﺮ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ
ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺟﺎﻋﻞ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺭﺳﻼً ﺃﻭﻟﻰ
ﺃﺟﻨﺤﺔٍ ﻣﺜﻨﻰ ﻭﺛﻼﺙ ﻭﺭﺑﺎﻉ ﻳﺰﻳﺪ
ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﺀ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ
ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻗﺪﻳﺮ "1" ( ﺳﻮﺭﺓ ﻓﺎﻃﺮ (
ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻧﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ
ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺤﻴﻲ ﻭﻳﻤﻴﺖ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ
ﺣﻴﻦ ﻳﺸﺎﺀ ﻭﻻ ﻳﺸﺎﺭﻛﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ
ﺃﺣﺪ .. ﻭﻗﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﺝ
ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻲ ﺭﺑﻪ .. ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ
ﺁﺗﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻠﻜﺎ، ﻓﺘﺨﻴﻞ ﺑﺠﻬﻠﻪ ﺃﻧﻪ
ﻳﻤﻠﻚ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﻭﺍﻹﻣﺎﺗﺔ ﻓﻈﻦ ﺃﻧﻪ
ﺇﺫﺍ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ ﺛﻢ
ﻋﻔﺎ ﻋﻨﻪ ﻓﻘﺪ ﺃﺣﻴﺎﻩ .. ﻭﺇﺫﺍ ﻧﻔﺬ
ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺤﻢ ﻓﻘﺪ ﺃﻣﺎﺗﻪ .
ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻠﻚ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ : ﺇﻥ ﻋﻔﻮﻙ ﻋﻦ
ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺣﻜﻤﺖ ﻋﻠﻴﻪ
ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ ﻟﻴﺲ ﺇﺣﻴﺎﺀ، ﻷﻥ ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ
ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻭﺃﻧﺖ ﻟﻢ ﺗﻔﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻭﻻ
ﺫﺍﻙ، ﻭﺇﻥ ﺍﻓﺘﺮﺿﻨﺎ ﺟﺪﻻ ﺃﻧﻚ
ﻋﻔﻮﺕ ﻋﻨﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺣﻜﻤﺖ ﻋﻠﻴﻪ
ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ، ﻓﺈﻧﻚ ﺑﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺪ
ﺃﺣﻴﻴﺘﻪ .. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﺑﻘﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺤﻜﻢ
ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻭ ﺗﻌﻔﻮ ﻋﻨﻪ .. ﺃﻣﺎ ﻋﻦ
ﺍﺩﻋﺎﺋﻚ ﺑﺄﻧﻚ ﻧﻔﺬﺕ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﺈﻧﻚ
ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﺃﻣﺘﻪ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ
ﻓﻬﻢ ﻣﻐﻠﻮﻁ؛ ﻷﻧﻚ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻣﺮ
ﻧﻔﺬﺕ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻤﻮﺗﻪ، ﻭﻟﻢ ﺗﻤﺘﻪ
ﺑﺈﺭﺍﺩﺗﻚ ﻭﻗﺪﺭﺗﻚ.
ﻭﻟﻜﻦ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻟﻢ ﻳﻠﺠﺄ ﺇﻟﻲ
ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺪﻝ، ﻷﻥ ﺣﺠﺞ ﻗﻬﺮ
ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻟﻴﻦ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻞ ﻻ
ﺗﺤﺼﻰ، ﻟﻜﻨﻪ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺣﺠﺔ ﻳﺴﻴﺮﺓ
ﻟﻢ ﻳﻤﻠﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻬﺎ ﺩﻓﻌﺎ ﻭﻻ
ﺭﺩﺍ .. ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ :
ﺃﻟﻢ ﺗﺮ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﺝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻲ
ﺭﺑﻪ ﺃﻥ ﺁﺗﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻝ
ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺭﺑﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻴﻲ ﻭﻳﻤﻴﺖ
ﻗﺎﻝ ﺃﻧﺎ ﺃﺣﻲ ﻭﺃﻣﻴﺖ ﻗﺎﻝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﺎﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺸﺮﻕ ﻓﺄﺕ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ
ﻓﺒﻬﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﻔﺮ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻬﺪﻱ
ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ "258" ) ﺳﻮﺭﺓ
ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ (
ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻌﻠﻢ
ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ .. ﻳﻌﻠﻢ ﻛﻞ
ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻭﻛﺒﻴﺮﺓ ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ
ﺟﻞ ﻭﻋﻼ : ﻭﺳﻊ ﺭﺑﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ
ﻋﻠﻤﺎً ﺃﻓﻼ ﺗﺘﺬﻛﺮﻭﻥ ) ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻧﻌﺎﻡ ـ
80 (
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ :ﻭﻣﺎ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻦ
ﺃﻧﺜﻰ ﻭﻻ ﺗﻀﻊ ﺇﻻ ﺑﻌﻠﻤﻪ { ) ﺳﻮﺭﺓ
ﻓﺎﻃﺮ ـ 11 (
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ :ﺫﻟﻚ ﻟﺘﻌﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥ
ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﻣﺎ ﻓﻲ
ﺍﻷﺭﺽ ) ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ ـ 97 (
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻗﺎﻝ
ﺭﺑﻲ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ
ﻭﺍﻷﺭﺽ ) ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ـ 4 (
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻋﺰ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻞ : ﻗﻞ ﺃﻧﺰﻟﻪ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ
ﻭﺍﻷﺭﺽ ) ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ ـ 6 (
ﻭﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﻣﻠﻜﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ
ﻳﺴﺘﺠﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻐﻴﺐ
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ ﻳﺴﺘﺠﺪ ﺑﺈﺭﺍﺩﺗﻪ
ﻭﺑﻌﻠﻤﻪ .. ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ﻗﻞ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻓﺎﻃﺮ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ
ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ
) ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺰﻣﺮ ـ 46 (
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﺛﻢ ﺗﺮﺩﻭﻥ
ﺇﻟﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻓﻴﻨﺒﺌﻜﻢ
ﺑﻤﺎ ﻛﻨﺘﻢ ﺗﻌﻤﻠﻮﻥ ) ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ـ
8 (
ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻒ ﻋﻠﻤﻪ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ
ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ ﺃﻧﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻳﺠﻮﻝ
ﺑﺨﻮﺍﻃﺮ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻭﻣﺎ ﺗﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻴﻪ
ﺻﺪﻭﺭﻫﻢ، ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ ﺟﻞ
ﻭﻋﻼ : ﻭﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﺗﺨﻔﻮﻥ ﻭﻣﺎ
ﺗﻌﻠﻨﻮﻥ { ) ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﻤﻞ ـ 25 (
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ﻭﺭﺑﻚ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ
ﺗﻜﻦ ﺻﺪﻭﺭﻫﻢ ﻭﻣﺎ ﻳﻌﻠﻨﻮﻥ
"69" ) ﺳﻮﺭﺓ ﻏﺎﻓﺮ ـ 16 (
ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﻣﺂﻝ ﻛﻞ
ﺷﻲﺀ ﺇﻟﻴﻪ .. ﻓﻜﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ
ﻣﻨﻪ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﺪﻳﻪ .. ﻛﻤﺎ
ﻗﺎﻝ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ : ﻟﻪ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ
ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﺇﻟﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺮﺟﻊ ﺍﻷﻣﻮﺭ
"5" ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ (
ﻭﺃﻧﻪ ﻣﺎﻟﻚ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ .. ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ "2" ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ "3"
ﻣﺎﻟﻚ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ "4" ) ﺳﻮﺭﺓ
ﺍﻟﻔﺎﺗﺤﺔ (
ﻭﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ : ﻟﻤﻦ ﺍﻟﻤﻠﻚ
ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻟﻘﻬﺎﺭ ) ﺳﻮﺭﺓ
ﻏﺎﻓﺮ ـ 16 (
ﻭﺃﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻨﻔﺮﺩ
ﺑﺎﻟﻤﻠﻚ، ﺑﻼ ﺷﺮﻳﻚ ﻳﻨﺎﺯﻋﻪ ﻓﻲ
ﻣﻠﻜﻪ ﻭﺭﺑﻮﺑﻴﺘﻪ ﻭﺃﻟﻮﻫﻴﺘﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ .. ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺟﻞ
ﻭﻋﻼ : ﻭﻗﻞ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ
ﻳﺘﺨﺬ ﻭﻟﺪﺍً ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺷﺮﻳﻚ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﻠﻚ ) ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ـ 111 (
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻫﻮ
ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻓﻬﻮ ـ
ﺇﺫﻥ ـ ﻭﺣﺪﻩ ﻭﺑﻼ ﺷﺮﻳﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻠﻚ
ﺍﻟﻨﻔﻊ ﻭﺍﻟﻀﺮ، ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﺰ
ﻭﺟﻞ : ﻗﻞ ﺃﺗﻌﺒﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﻣﺎ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﻟﻜﻢ ﺿﺮﺍً ﻭﻻ ﻧﻔﻌﺎً {
) ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ ـ 76 (
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ﻗﻞ ﻣﻦ ﻳﺮﺯﻗﻜﻢ
ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺃﻣﻦ ﻳﻤﻠﻚ
ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻭﺍﻷﺑﺼﺎﺭ ) ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﻧﺲ ـ
31 (
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ :
ﻭﻳﻌﺒﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ
ﻟﻬﻢ ﺭﺯﻗﺎً ) ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺤﻞ ـ 73 (
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ﻗﻞ ﻓﻤﻦ
ﻳﻤﻠﻚ ﻟﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺷﻴﺌﺎً ﺇﻥ ﺃﺭﺍﺩ
ﺑﻜﻢ ﺿﺮﺍً ) ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺘﺢ ـ 11 (
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺭﺑﻨﺎ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻓﻼ
ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ ﻛﺸﻒ ﺍﻟﻀﺮ ﻋﻨﻜﻢ ﻭﻻ
ﺗﺤﻮﻳﻼً ) ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ـ 56 (
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺍﻟﺤﻖ : ﻭﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ
ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﺿﺮﺍً ﻭﻻ ﻧﻔﻌﺎً ﻭﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ
ﻣﻮﺗﺎً ﻭﻻ ﺣﻴﺎﺓ ﻭﻻ ﻧﺸﻮﺭﺍً ) ﺳﻮﺭﺓ
ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ ـ 3 (
ﻭﺇﺫﺍ ﻓﻬﻤﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ
ﺃﻥ ﻧﻨﺼﺮﻑ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎﺀ ﻓﻲ
ﻛﻞ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻭﻛﺒﻴﺮﺓ، ﻷﻥ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ
ﻟﻐﻴﺮﻩ ﺩﻋﺎﺀ ﻟﻤﻦ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺷﺮﺍ ﻭﻻ
ﻧﻔﻌﺎ .. ﺑﻞ ﺇﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺴﺒﻞ ﺍﻟﺘﻲ
ﻳﻠﺠﺄ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ
ﺃﻏﺮﺍﺿﻪ ﻭﻣﺼﺎﻟﺤﻪ ﻛﺎﻟﺮﺷﻮﺓ
ﻭﺍﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺑﻴﺪ
ﺍﻟﻠﻪ . ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻢ ﺟﻴﺪﺍ ﺃﻥ
ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻻ ﺗﺤﻘﻖ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﻠﻪ
ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ، ﻭﺇﺫﺍ ﺻﺎﺩﻑ ﺃﻥ ﺗﺤﻘﻘﺖ
ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺑﺄﺣﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﺒﻞ، ﻓﺈﻧﻬﺎ
ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺗﺤﻘﻘﺖ ﻷﻥ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ
ﻗﺪ ﺷﺎﺀﺕ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻓﺎﻹﺭﺍﺩﺓ
ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﺗﺤﺮﻙ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ
ﺗﻤﻠﻚ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺃﻥ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ
ﺃﻭ ﺗﺤﻘﻖ ﻣﺎ ﻳﺨﺎﻟﻔﻬﺎ. ﻭﺍﻟﺤﻖ ﺗﺒﺎﺭﻙ
ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺤﺜﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻧﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻪ
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎﺀ ﻭﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻧﺸﺮﻙ
ﻣﻌﻪ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻊ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ
ﻣﻨﻪ .. ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺟﻞ ﺷﺄﻧﻪ : ﻗﻞ ﺍﻟﻠﻬﻢ
ﻣﺎﻟﻚ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺗﺆﺗﻲ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻣﻦ ﺗﺸﺎﺀ
ﻭﺗﻨﺰﻉ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻣﻤﻦ ﺗﺸﺎﺀ ﻭﺗﻌﺰ ﻣﻦ
ﺗﺸﺎﺀ ﻭﺗﺬﻝ ﻣﻦ ﺗﺸﺎﺀ ﺑﻴﺪﻙ ﺍﻟﺨﻴﺮ
ﺇﻧﻚ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻗﺪﻳﺮ
"26" ) ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ (
ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺩﺭﻙ ﻧﺒﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ .. ﻓﺪﻋﺎ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺣﺪﻩ ﺃﻥ ﻳﻬﺒﻪ ﻣﻠﻜﺎ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻷﺣﺪ
ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ .. ﻓﺎﺳﺘﺠﺎﺏ ﺍﻟﺤﻖ ﺗﺒﺎﺭﻙ
ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﺪﻋﻮﺗﻪ ﻭﺳﺨﺮ ﻟﻪ ﻛﻞ
ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻜﻮﻥ .. ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻗﻞ ﺭﺏ ﺍﻏﻔﺮ ﻟﻲ
ﻭﻫﺐ ﻟﻲ ﻣﻠﻜﺎً ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻷﺣﺪ ﻣﻦ
ﺑﻌﺪﻱ ﺇﻧﻚ ﺃﻧﺖ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ "35"
ﻓﺴﺨﺮﻧﺎ ﻟﻪ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﺗﺠﺮﻱ ﺑﺄﻣﺮﻩ
ﺭﺧﺎﺀ ﺣﻴﺚ ﺃﺻﺎﺏ "36"
ﻭﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﻛﻞ ﺑﻨﺎﺀٍ ﻭﻏﻮﺍﺹٍ
"37" ﻭﺁﺧﺮﻳﻦ ﻣﻘﺮﻧﻴﻦ ﻓﻲ
ﺍﻷﺻﻔﺎﺩ "38" ﻫﺬﺍ ﻋﻄﺎﺅﻧﺎ ﻓﺄﻣﻨﻦ
ﺃﻭ ﺃﻣﺴﻚ ﺑﻐﻴﺮ ﺣﺴﺎﺏٍ "39" ﻭﺇﻥ
ﻟﻪ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻟﺰﻟﻔﻰ ﻭﺣﺴﻦ ﻣﺂﺏٍ " 40 "
) ﺳﻮﺭﺓ ﺹ (
ﺇﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻤﻠﻚ .. ﺍﻵﻣﺮ
ﺍﻟﻨﺎﻫﻲ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻪ .. ﺍﻟﻤﻌﺰ ﺍﻟﻤﺬﻝ ..
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻠﺐ ﺷﺌﻮﻥ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻭﻳﺼﺮﻓﻬﺎ
ﻛﻴﻒ ﻳﺸﺎﺀ .. ﻭﺍﻹﻗﺮﺍﺭ ﻟﻪ ﺟﻞ
ﻭﻋﻼ ﺑﺎﻟﻤﻠﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ
ﻭﺍﻻﻧﻔﺮﺍﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻓﺮﺽ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ . ﻭﻗﺪ ﺍﻟﺘﺰﻡ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﺽ ..
ﻓﻜﺄﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻓﻀﻞ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺃﺗﻢ
ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﺩﻭﻣﺎ ﺻﺒﺎﺣﺎ
ﻭﻣﺴﺎﺀ : "ﺃﻣﺴﻴﻨﺎ ﻭﺃﻣﺴﻰ ﺍﻟﻤﻠﻚ
ﻟﻠﻪ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺻﺒﺤﻨﺎ
ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻟﻠﻪ ".
ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ : " ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻭﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ
ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ، ﻟﻪ ﺍﻟﻤﻠﻚ
ﻭﻟﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ
ﻗﺪﻳﺮ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﻭﺧﻴﺮ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﺃﻋﻮﺫ
ﺑﻚ ﻣﻦ ﺷﺮﻫﺎ ﻭﻣﻦ ﺷﺮ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺴﻞ
ﻭﺍﻟﻬﻢ ﻭﺳﻮﺀ ﺍﻟﻜﺒﺮ ﻭﻓﺘﻨﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﻭﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻘﺒﺮ ." ﻭﺍﻟﻤﻠﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻐﻨﻰ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ
ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺗﻠﻚ ﺭﺗﺒﺔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ
ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺃﺣﺪ
ﺍﻟﻤﺮﻳﺪﻳﻦ ﻟﺸﻴﺨﻪ: ﺃﻭﺻﻨﻲ .. ﻓﻘﺎﻝ
ﻟﻪ : ﻛﻦ ﻣﻠﻜﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﻠﻜﺎ ﻓﻲ
ﺍﻵﺧﺮﺓ .
ﻓﻘﺎﻝ : ﻭﻛﻴﻒ؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ: ﺍﻗﻄﻊ ﻃﻤﻌﻚ
ﻭﺷﻬﻮﺗﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﻜﻦ ﻣﻠﻜﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻓﻲ
ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻨﺎﺀ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق